26 - 09 - 2024

بارقة أمل | حكم في قضية ختان ينقذ الاف الفتيات من ضرر محقق

بارقة أمل | حكم في قضية ختان ينقذ الاف الفتيات من ضرر محقق

قضت محكمة جنايات شبرا الخيمة، بمعاقبة أب وممرض غيابيًا بحبس الأول 3 سنوات مع الشغل، والسجن المشدد للثاني 10 سنوات لقيامهما بختان المجني عليها ابنة المتهم الأول بالمخالفة للقانون وتسببا في إحداث عاهة مستديمة للمجني عليها يستحيل علاجها.

صدر الحكم برئاسة المستشار سامح عبد الحكم رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين عبد الرحمن صفوت الحسيني، ومحمود خليل، وبحضور عبد الرحمن الدش وكيل نيابة قسم أول شبرا الخيمة، وأمانة سر أشرف حسن

قالت المحكمة، في حيثيات حكمها إن الواقعة المطروحة جرى ارتكابها قبل تغليظ العقوبة بالتعديل الأخير الصادر بقانون رقم ( ١٠ ) لسنة ٢٠٢١ بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات والذي غلظ عقوبة الختان واعتبرها جناية.

وأكدت المحكمة، أن إحالة الواقعة إلى المحكمة قد تمت باعتبارها جناية عاهة مستديمة وفقا لما هو ثابت بالأوراق إذ أن ارتكاب الواقعة جرى قبل صدور القانون بالتعديل الأخير.

أضافت المحكمة في حيثياتها أن هذا الحكم بمثابة جرس إنذار لكل أب أو ولي أمر ولكل من ينتسب زورا لمهنة التمريض ويسيء إليها بأن تغليظ عقوبة الختان بالقانون الأخير واعتبارها جناية في حق كل من طلب إجراء جريمة الختان تنظر أمام محاكم الجنايات يعني بكل وضوح مد حق الإبلاغ عن جرائم الختان وتعقب مرتكبيها من ثلاثة سنوات كجنحة إلى عشر سنوات كجناية وفقا لنص المادة ( ١٥) من قانون الإجراءات الجنائية.

كان هذا هو الخبر وبغض النظر عن صدور الحكم استنادا إلى وقوع الجريمة قبل تغليظ العقوبة وتحويلها إلى جناية بدلا من جنحة أو بعده فإن صدور الحكم في حد ذاته يعد سابقة خطيرة تغير مسار حياة ملايين الفتيات المصريات اللاتي يواجهن الجهل والتخلف والإصرار على ربط العفة ببتر عضو حيوي في اجسادهن وليس بتربيتهن على الخلق القويم والقدرة على التحكم في غرائزهن لأن العفة تأتي من العقل وحده من منظومة القيم التي تغرزها الأسرة من ناحية والمجتمع من ناحية أخرى في نفوس أبناءه.

سألت نفسي لماذا أخذت عادة الختان كل هذا الوقت وكل هذه المقاومة الطويلة في تغيرها رغم جهود الدولة التي بدأت منذ خمسينات القرن الماضي؟ مقاومة لم تأت من غير المتعلمين وحدهم بل من متعلمين أيضًا وكل ما حدث من تغيير هو نقل اجراء العملية من الحلاق إلى الممرضات والحكيمات ثم الأطباء بعد ذلك وكأن المشكلة هي فيمن يجريها ليضمن عدم وفاة الفتاة أو تعرضها لنزيف ينهي حياتها، وليس لفقدها لمركز احساسها بكونها أنثى وهو العضو الذي خلقها الله به. ولم يسأل أحدهم نفسه لماذا المزايدة على الخالق العظيم استغفر الله؟

بالطبع التفسير الديني لهذه العادة كان وراء التمسك بها رغم جهود بعض الشيوخ في تصحيح هذا المفهوم لكنها لم تكن كافية وبقت العادة كصخرة لا تهتز لأن الدولة امسكت بالعصا من منتصفها ولأن وراءها مفهوم يعتبر المرأة جسدا فحسب جسد بلا عقل وظيفته متعة الرجل والانجاب ويتم الحفاظ عليه بإخفائه بعباءة والأفضل أن تكون سوداء قاتمة فلا يحق للمرأة أن تفرح بألوان الطبيعة الملفتة للنظر لمن لا يغض البصر. فكيف لها أن يكون في جسمها ما يجعلها تشعر بأنوثتها والعياذ بالله فهذا رجس ولهذا أشاعوا أنها طهارة وأن الفتاة الغير مختتنة لم تتطهر!

أهمية هذا الحكم أنه خطوة جادة تحول هذا الفعل إلى جناية عاهة مستديمة لا يمكن إصلاحها وتضع المسئولية على عاتق الأب وولي الأمر ومن قام بالفعل لأنه خان مهنته لهذا حصل الممرض على عشر سنوات سجن

تحية للمستشارين: سامح عبد الحكم رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين عبد الرحمن صفوت الحسيني، ومحمود خليل، الذين أصدروا الحكم والتحية من قبلهم لكل من سعى لتغليظ العقوبة في هذا القانون وكل من قدم جهوده لمحو هذه العادة السيئة من بلادنا.

العفة تكتسب بالتربية الحسنة والتعليم الرفيع ومكارم الأخلاق وسنحتاج لمثل هذه القوانين الرادعة لفترة طويلة قبل أن يدافع المواطن بنفسه عن انسانيته ساعتها لن نحتاج إلى قانون يمنع ختان البنات.

----------------------

بقلم: هالة البدري

مقالات اخرى للكاتب

في محبة الكاتبة الكبيرة لطيفة الزيات